اطروحات اسلامية

الحمد لله .. وله الفضل والمنة.. والصلاة والسلام على سيد الملة حبيبنا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم.. الإخوة القراء.. .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لاشك أن مرحلتنا مليئة بالظواهر، وكل ظاهرة تحمل من التعقيدات والإشكالات مالا مزيد عليه.
ولأننا ندعوقراءنا لحسن التثبت في كل الأمور فإننا نشهد اليوم ظاهرة الكلام عن مفهوم الحوار والحوار مع الآخر، وكان آخر ما شهدناه في هذا الشأن الهام مؤتمر مكة العالمي للحوار.. وقد حضره العديد من علماء المسلمين ومفكريهم وقادتهم.
وكان اجتماع هذا الحشد الكبير من القادة والعلماء ملحظا هاما لعظمة المخزون العلمي والفكري لدى المسلمين عموما لو كان لهذا المخزون الهائل من قرار واستقرار، ونسأل الله أن يهيأ ذلك. وقد أدلى كل ذي فهم وعلم ورؤية وفكر بدلوه في محاورات المؤتمر ومخرجاته.
ونحن هنا لسنا بصدد الوقوف عند مثل هذا الحدث.. وإنما نحن بصدد التناول للظاهرة، فالظاهرة أشمل أثرا وخطرا من مجرد الأحداث التي تدور فيها أو تدار من أجلها.
وقد عرفنا من خلال الاستقراء والمتابعة نماذج متنوعة من ظواهر المراحل وما يبرز في سيرها ومخرجاتها من الأحداث والتهيئة النفسية والفكرية والعلمية لقبول الظاهرة وإنجاح مشروعها سلبا وإيجابا.
فالمرحلة القومية قد شهدت من الإعداد والاستعداد لإنزال فكرة القوميات ما شهدت، حتى صارت هذه الظاهرة حقيقة كائنة في الواقع الإسلامي تخدم الحركة العالمية للسياسة الاستعمارية.
ولعلنا نحن الآن نعيش تراكماتها وثمراتها حتى الساعة، ولا زلنا نخرج من مرحلة إلى أخرى وفق مرسوم القرار العالمي في حركتنا الإقليمية المسيسة. ولابد لنا أن نقبل التأطير ونقبل باستيعاب مراد الآخر وفق مجريات الحركة التاريخية المسيسة ذاتها.. أليس كذلك؟؟؟
وبقي موقف الإسلام ذاته.. وموقف الغرباء الذين يحيون ما أمات الناس..
فالإسلام المرحلي.. لابد أن يكون جزءا لا يتجزأ من القرارالسائد.. وأما الإسلام العالمي فله ثوابته وضوابطه مع كافة المراحل المتقلبة ومخرجاتها وما يدور من أحداث ومفاجآت، وقليل من يعالج هذا الأمر من هذه الزاوية.. "فقه التحولات".
فنحن لا نسمع إلا كلاما عن عظمة الإسلام ومرونته وسعة نصوصه ومفاهيمه.. ولكننا لا نسمع عن تقرير هذه النصوص أو بعضها ما يحل بالأمة من الانتكاس والارتكاس والاستتباع، وإذا ما تناولنا بصورة أو بأخرى حديثا ما عن الارتكاس والانتكاس فإننا نعجز عن تحديد موقعه في مخرجات مراحلنا وخاصة في قراري الحكم والعلم.. وقرار العلاقة بالآخر. وصارت قضية الإسلام قضية ضبابية المخرجات، وخيمة الديانة خيمة فضفاضة الاستدلالات والمساحات.
والحوار كمبدأ في الإسلام ليس مرحلياً حتى إننا نفصل له القوالب المناسبة للمرحلة، بل هو أصل أصيل للديانات كلها، ولكن التعطيل والتسييس أصاب هذا المبدأ حتى اختلط فيه الحابل بالنابل قديماً، ولما جاء الإسلام الحنيف أعاد للحوار مكانه الشرعي مع الجميع، وظل مبدأ الحوار شامخا في العديد من المراحل الإسلامية الأولى حينا يجمع بين قرار الحكم والعلم، وحينا يدور في أحد الجوانب منفصماً عن الآخر.. سواء مع المسلم للمسلم أومع الآخر.
ولهذا فإن ظاهرة المرحلة تناولت هذه القضية بصورة إعلامية متنوعة.. ولاشك أن تناولها كمادة علمية سيكون لها فائدة عظمى في نبش ما تجاوزته العقول على مدى التاريخ المسيس، ولكن الإشكال الذي نخشاه ونسأل الله الحفظ من تبعاته هو تسييس الحوار والحوار مع الآخر ، ليصبح مبدأ الإسلام العظيم أحد وسائل التطويع للعقل الإعلامي بعد أن طُوع العقل الإسلامي في المراحل السابقة، ليتجه الجميع إجباريا نحو ما سماه صلى الله عليه وآله وسلم بجحر الضب.. والقضاء والقدر لا مفر منه، وأما أن نكون وقودا للانحدار وباسم الإسلام فمسألة تستحق التنبه وطول الانتظار.. وهذا مجرد وجهة نظر.