هل المراةمهضومة الحقوق في الشريعه الاسلاميه

هل المرأة مهضومة الحقوق في الشريعة الإسلامية؟

مقولة يرددها كثير من أبناء جلدتنا مقلدين فيها المجتمعات الغربية ومن سار على نهج التحريف والتدليس لمضامين ومنابع الشريعة الإسلامية يجلبون من ثكنات الشيطان والدجال اللعين حلولاً وآراء معدومة الوجه قادحة في حق الشريعة الإسلامية والدين الحنيف.
هذه المقولة تتلخص في قولهم: «المرأة مهضومة الحقوق في ظل الشريعة الإسلامية»، فهل هذه الدعوى صحيحة؟
قبل أن نطرح الإجابة على السؤال نقول أن كثرة الادعاءات والأحاديث حول حقوق المرأة وما تشهده وسائل ألإعلام من تأجيج لهذه القضية إنما ذلك يعود لفراغ تربوي في الواقع الأوروبي وتقليد أعمى في هيشات الواقع العربي الذين يتبعون كل ناعق وهم مع الواقع الأوروبي غير قادرين على منح المرأة حقها الإنساني العظيم فقط مكتفين بحقها الأنثوي الذي يشغلونه لمصالحهم وأغراضهم ويظنون بعد ذلك أنهم قد وفوا بحق المرأة.
يا للهوان عندما يكون حق المرأة في المجتمعات الغربية أنوثتها، أجل هذه الأنوثة هي التي تجعل المجتمع الغربي يدللها وتجعل المجتمع الغربي يكرهها وتجعل الأضواء الساطعة في الليل تطوف حولها بالتقدير والترحاب، هذه الأنوثة هي التي تجعل الرجل ينحني أمام المرأة ليقبل يدها، وبالجملة فهذه الأنوثة هي مصدر ما يسمى بحقوق المرأة في الغرب.
وإني لأرجو أن تتأملوا فتتساءلوا: أهو في الحقيقة دعاية لحقوق المرأة أم لحقوق الرجل؟ ستجدون بعد التأمل أنه ليس إلا دعاية لحقوق الرجل، فأنا عندما أكرّم المرأة لأنوثتها إنما أمتع نفسي خلال تكريمي لها، ذلك لأن الأنانية هي التي تسوقني إلى أن أطوف حول أنوثة الأنثى بالتقرب والتبجيل وهذا شيء واضح للعيان، كما أنه من خلال علاقة الرجل بالمرأة في الغرب تكون عن طريق الصداقة أو الزواج، وقد غدت الصداقة في السنوات الأخيرة هي الطريقة الغالبة، ولو أقبل الرجل على الزواج لا يقبل إليه إلا بعد أن يقضي معظم وطره في النساء، وهو الأمر الذي يجعل الفتاة التي لم تنل حظها في الرجل تبتعد عن الزواج إذ هي تعلم أنها لن تجد في أولئك الأزواج بغيتها.
ونظراً إلى أن أنوثة المرأة تغيب إذا انطوى شبابها فلابد أن تغيب ومعها حقوقها، فهي تتعرض إلى أنواع من الضرب واللكم والإيذاء الجسدي عندما تنخلس عن أنوثتها، كما تنقطع شراكتها مع الرجل لا سيما وأن العروض المغرية من حوله رخيصة وكثيرة.
وينتهي مصير أكثرهن عادة إلى الملاجئ الكثيرة الخاصة بهن هرباً من الأذى الذي يلاحقهن من أولئك الذين كانوا إلى الأمس القريب يتغزلون بهن ويدافعون عن حقوقهن، وتتكاثر اليوم هذه الملاجئ الفريدة من نوعها في الغرب.
والمقالات التي تكتب اليوم في الغرب عن هذا الوضع المأساوي الذي يمزق كرامة المرأة ويهدد حياتها مقالات كثيرة لا تحصى، ولو تعرضنا لذلك لطال حديثنا وإسهابنا في الموضوع.
كما أن الغرب لا يزال إلى اليوم يحط من أجر المرأة لأنها امرأة، والشريعة الإسلامية ترفض ذلك بل جعلت المرأة تستحق ما يستحقه الرجل في الأجر، أي أن أنوثة المرأة لا تتدخل في الحط في أجرها بأي حال اقرؤوا باب الإجازة في موسوعات الفقه الإسلامي تجدوا القانون القائل: الأجرة تقابل نوع العمل ومدى إتقانه ولا تقابل شخص العامل أو نوعه.
من هنا أحبتي تتبنى الحقيقة ويفهم كل من أراد أن يفهم أن الإجابة على السؤال تكون واضحة لا غبار عليها، فالمرأة لم يهضم الإسلام حقوقها إنما أبواق الإعلام الزائفة التي زجت بالمرأة في متاهات العولمة الخطيرة وجعلتها سلعة رخيصة تباع بأقل الأثمان وأرخصها والمستفيد في جميع الأحوال هو الشيطان عدو الإنسان في كل مكان وزمان، فهل من منتبه؟

((مقتبس من كتاب (يغالطونك إذ يقولون) للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي))